الاثنين، 21 يناير 2013

بحث حول الأزمة الاقتصادية 1929م

بحث حول الأزمة الاقتصادية 1929م

مقدمة :في سنة 1929 اندلعت الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية ، ومنها امتدت إلى باقي البلدان الرأسمالية والمستعمرات.
فما هي أسباب ومظاهر هذه الأزمة داخل الولايات المتحدة الأمريكية ؟ وكيف انتشرت هذه الأزمة في باقي العالم الرأسمالي ؟ وما هي طرق مواجهتها ؟

أولا: تعريفها:
بعد الأزمة التي اجتاحت معظم دول العالم خلال سنوات الحرب العالمية الأولى، شهدت فترة ما بعد الحرب نوعا من الاستقرار النسبي في العلاقات النقدية و المالية الدولية خاصة خلال الفترة 1924-1928 .
ولكنه ما لبث أن اختفى مع انفجار الأزمة الاقتصادية العالمية 1929-1933 والتي انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية لتنتشر في باقي دول العالم.
ثانيا: أسبابها:عرف الاقتصاد الأمريكي انتعاشا نتيجة تدهور الاقتصاد الأوروبي وازدهار الصناعة الأمريكية نتيجة توفر رؤوس الأموال والثروات الطبيعية والسوق الاستهلاكية الواسعة ، فانتشرت المضاربة داخل البورصة وارتفعت أسعار الأسهم.
كان سعر السهم اصطناعي لأنها لم تكن مسايرة لتطور الإنتاج الاقتصادي مما تسبب في عرض متزايد لها وخاصة في يوم 24اكتوبر1929 الخميس الأسود ، حيث انهارت الأسهم في بورصة وول ستريت الأمريكية وأدى ذلك إلى أزمة مالية واقتصادية ،خاصة بعد انخفاض الأجور والاستهلاك.
بعد إفلاس البنوك الأمريكية قامت بسحب أموالها من أوروبا،فتأثر الاقتصاد الأوروبي وانعكس ذلك على مستعمراتها فأصبحت أزمة عالمية.
ثالثا: نتائجها:
- استمرار هذه الأزمة لفترة طويلة نسبيا حيث استغرقت حوالي أربع سنوات.
- تسببت في زعزعة الاستقرار النسبي في النظام الرأسمالي بكامله.
- تدهور القوة الشرائية لمعظم العملات بسبب تزايد العجز في موازين المدفوعات.
- اضطرت الدول المتضررة للتدخل في الشؤون الاقتصادية معتمدة على عدة خطط منها الخطة الجديدة التي وضعها الرئيس الأمريكي (تيودور روزفلت)والتي تعتمد على :تخفيض قيمة العملة، تشجيع الاستهلاك عن طريق القروض، تقليص عدد ساعات العمل….
- تطبيق الدول الصناعية قوانين الحماية مما عرقل طموحات بعض الدول كألمانيا، ايطاليا واليابان فازدادت رغبتها في التوسع.
- عمق وحدة هذه الأزمة بشكل استثنائي :ففي الولايات المتحدة الأمريكية انخفضت الودائع لدى البنوك 33% كما انخفضت عمليات الخصم والإقراض بمقدار مرتين.وكان عدد البنوك التي أفلست أكثر من 10000بنكا،أي حوالي 40% من إجمالي عدد البنوك الأمريكية. إن انهيار هذا العدد الكبير من البنوك أدى إلى ضياع الكثير من مدخرات المودعين خاصة الصغار منهم وانهيار الأسواق المالية التي انخفضت 66% في ألمانيا و 90% في الولايات المتحدة الأمريكية.
- الانخفاض الكبير في مستويات أسعار الفائدة: خلال الفترة(1930-1933)كان سعر الخصم لدى بنك انجلترا بحدود 3.1% مقابل 5.5في عام 1929. ولدى البنك المركزي في نيويورك 2.6% مقابل 5.2%.
في بداية الأزمة كان الارتفاع في أسعار الفائدة ناتجا عن تزايد الطلب على النقود لسداد القروض السابقة ،لكن مع استمرار الأزمة انخفض الطلب على القروض بشكل حاد بسبب انخفاض الإنتاج الصناعي والمبادلات، وأيضا زيادة عرض رؤوس الأموال هذا بالإضافة إلى أن سياسة (النقود الرخيصة)التي اتبعتها البنوك المركزية بهدف معالجة الأزمة ورفع مستوى النشاط في الاقتصاد قد ساهمت إلى حد بعيد في انخفاض أسعار الفائدة. إن الأسباب المتدنية لأسعار الفائدة تسببت في إطالة أمد الأزمة كما أن المقرضين كانوا يغالون في طلب الضمانات على القروض مما أدى إلى انخفاض الطلب على الاقتراض.
- اختلاف أمد ودرجة حدة الأزمة من بلد إلى آخر بشكل كبير: في خريف عام 1929 انهارت أسعار الأوراق المالية في أسواق الولايات المتحدة. وبنفس الوقت بدا الانخفاض في القوة الشرائية لعملات الدول الزراعية بسبب تدهور أسعار المواد الأولية الزراعية مما أدى إلى ظهور أزمات في موازين مدفوعات هذه الدول.في ربيع عام 1931 امتدت الأزمة النقدية والمالية إلى الدول الأوروبية لتبدأ في انجلترا في خريف نفس السنة.ثم اندلعت الأزمة من جديد في ربيع 1933في الولايات المتحدة وبشكل خاص في النظام النقدي والائتماني .
- ترافقت الأزمة بتقلبات حادة في أسعار صرف العملات ، مما نتج عنه انهيار النظام الذهبي في معظم الدول. وبنفس الوقت تدهور القوة الشرائية لمعظم العملات بسبب تزايد العجز في الموازنة العامة و موازين المدفوعات وانخفاض حجم الاحتياطات الذهبية الرسمية. في انجلترا تم إيقاف قابلية إبدال النقود الورقية بالذهب في 21 سبتمبر 1931 ، بالرغم من أن هذا الإبدال كان على شكل سبائك . وقد نتج عن ذلك تدهور قيمة الإسترليني وما تبعه من تدهور في قيمة العملات التي كانت مرتبطة به. وفي الولايات المتحدة الأمريكية كان بسبب إلغاء العمل بالنظام الذهبي في 1933 هو تزايد الإقبال على إبدال النقود الورقية بالذهب ، وأيضا انخفاض السيولة لدى البنوك بالإضافة إلى انخفاض الاحتياطات الذهبية. ولقد تسببت هذه الأزمة في انخفاض قيم العملات الرئيسية بحوالي(50%-84%) بالمقارنة مع مستوى ما قبل الأزمة.
- الائتمان الدولي الطويل الأجل: توقف 25 دولة عن سداد قروضها الخارجية: ألمانيا، النمسا…
- رغم محاولة بعض الدول من تخفيض حدة الأزمة،غير أن طموحات اليابان، ألمانيا وايطاليا أدت إلى الحرب العالمية الثانية.
الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية :
ارتبطت الأزمة الاقتصادية بطبيعة النظام الرأسمالي :
صعوبة التسويق الداخلي :ابتداء من الحرب العالمية الأولى ، عرف الإنتاج الاقتصادي الأمريكي تطورا سريعا بفعل تزايد التركيز الرأسمالي وتقدم التقنيات والأساليب . في المقابل فالدخل الفردي الأمريكي لم ينمو إلا بوثيرة بطيئة مما أدى إلى تضخم الإنتاج.
صعوبة التسويق الخارجي:أعادت الدول الأوربية بناء اقتصادها، وأصبحت تنافس الولايات المتحدة الأمريكية في الأسواق الخارجية . في نفس الوقت تزايدت المزاحمة اليابانية . في ظل انتشار المنافسة الأجنبية أخذت الدول الرأسمالية بالحماية الجمركية ( فرض قيود على الواردات)
المضاربات البورصوية :أمام انتشار فكرة الازدهار الأمريكي وتزايد المضاربات المالية في بورصة وول ستريت بنيويوك ، عرفت أسعار الأسهم ارتفاعا كبيرا إلى درجة أنها فاقت مداخيلها . فكانت النتيجة هي إفلاس المساهمين.
تدرجت مظاهر الأزمة الاقتصادية والاجتماعية على الشكل الآتي :
تضخم الإنتاج -انخفاض الأسعار. إفلاس الشركات الصناعية والتجارية والمؤسسات المالية والفلاحين – طرد العمال – انتشار البطالة – انخفاض الأجور- القيام بالإضرابات والمظاهرات – وحدوث الهجرة القروية .
انتشار الأزمة في باقي العالم الرأسمالي :انتقلت الأزمة إلى باقي العالم الرأسمالي بطرق متعددة :* بعد اندلاع الأزمة سحبت الولايات المتحدة الأمريكية رساميلها من الخارج ، وبالتالي تضررت الدول الأكثر ارتباطا بالرأسمال الأمريكي. في نفس الوقت استرجعت الولايات المتحدة الأمريكية القروض الخارجية وخفضت المساعدات .
* أدى نهج الحماية الجمركية إلى تدهور المبادلات الدولية، وتضخم الإنتاج الصناعي في الدول الرأسمالية، وتراجع وثيرة التصنيع وبالتالي انخفاض الطلب الخارجي على المواد الأولية التي تشكل صادرات المستعمرات . في نفس الوقت تزايد الاستغلال الاستعماري.
تأزمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في باقي العالم الرأسمالي :* في الفترة 1929-1932 : انخفض الإنتاج الصناعي والفلاحي وتراجعت المبادلات الدولية . في المقابل ارتفعت نسبة البطالة.
* كانت ألمانيا أكثر الدول الأوربية تأثرا بالأزمة بفعل ارتباطها الشديد بالرأسمال الأمريكي. في المقابل فبريطانيا وفرنسا تأثرتا بدرجة أقل أمام اعتمادهما على المستعمرات. وتضرر اليابان من تدهور المبادلات التجارية فلجأ إلى إغراق الأسواق الخارجية بالبضائع الرخيصة.
طرق مواجهة الأزمة الاقتصادية :الخطة الجديدة ( نيوديل Nw deal ) في الولايات المتحدة الأمريكية كنموذج عن الدول الديمقراطية :
* وضع الرئيس فرانكلين روزفيلت الخطة الجديدة منذ سنة 1933 والتي تضمنت الإصلاحات الآتية :
- في الميدان المالي : فرض رقابة الدولة على الأبناك والبورصة ، وتخفيض قيمة الدولار، ومنع تصدير الذهب والأموال.
- في الميدان الفلاحي : تقديم تعويضات للفلاحين الراغبين في تخفيض الإنتاج، وتقديم مساعدات للفلاحين المثقلين بالديون.
- في الميدان الصناعي : تقليص الإنتاج وتخفيض مدة العمل.
- في الميدان الاجتماعي : إنجاز مشاريع كبرى لتشغيل العاطلين ،وإحداث تعويضات البطالة والتأمين على الشيخوخة ،وتحديد الحد الأدنى للأجور.
* أعطت الخطة الجديدة نتائج إيجابية في الفترة 1933- 1937 حيث انتعش الاقتصاد الأمريكي وانخفضت نسبة البطالة. لكن منذ 1938 أصبحت هذه النتائج سلبية حيث تجددت مظاهر الأزمة بسبب عدم التزام الأمريكيين بإجراءات الخطة الجديدة.
تدخلت الدولة النازية الألمانية في الاقتصاد كنموذج عن الأنظمة الفاشية (1933-1945) :
* لمواجهة مخلفات الأزمة الاقتصادية اتخذت الدولة النازية الألمانية الإجراءات الآتية :
- تحديد الإنتاج والأسعار والأرباح ، ومراقبة المبادلات التجارية.
- فرض نظام التعاونيات المختلطة.
- تخفيض الأجور ومنع الإضراب.
- فصل المارك الألماني عن الارتباط بالذهب.
- تشغيل العاطلين في الخدمة العسكرية الإجبارية وأوراش الأشغال العمومية وصناعة الأسلحة.
خاتمة :
ساهمت مخلفات الأزمة الاقتصادية في توتر العلاقات الدولية ، وبالتالي اندلاع الحرب العالمية .

هناك 8 تعليقات: